تحقيق مصور، خطر المواد الكيمياوية: وجه آخر لمعاناة الأساتذة الجامعيين الباحثين و الطلبة
إليكم عينة مما يعانيه الإطار المدرس والباحث والهياكل البيداغوجية بمؤسساتنا. وحدها الوزارة تتحمل المسؤولية فهي تترك مؤسسات بأكملها تعاني في ظل قلة الإمكانيات المرصودة لها. فما الأولى؟ أن يمول صندوق الودائع والأمانات مؤسساتنا البحثية ويقدم ظروف عمل طيبة لإطار باحث ومدرس ألمعي أم أن يسعى وزير التعليم العالي إلى تركيز جامعة أجنبية بأرض وطننا لا حاجة ولا نفع لتونس بها.
كتبت النص الموجود في الأسفل وأخذت الصور المصاحبة له الدكتورة راضية الظاهري من كلية العلوم بصفاقس فتمعنوا جيداً ما كتبت:
نتكلم اليوم عن وجه آخر لمعاناة الأساتذة الجامعيين الباحثين و معهم طلبتنا....لن نتحدث عن البنية التحتية المهترئة...نتحدث عن تضحيات جسام يقوم بها الأساتذة الباحثون صحبة طلبتهم الذين يعيشون يوميا و طيلة عشرات السنين مع مواد كيميائية في ظل غياب أدنى وسائل الحماية. الدولة و وزارة التعليم العالي و البحث العلمي لا تستجيب و لا توفر الاعتمادات لتوفير تلك الوسائل التي لابد من وجودها لحماية صحة الباحثين و طلبتهم من المخاطر الجمة التي يتعرضون لها و التي تصل حد الأمراض الخبيثة. لابد على هذا الشعب أن يعلم مقدار المعاناة و المخاطر التي يتحملها أصحاب الأمانة و نخبة هذا الوطن من أجل تعليم أبنائهم.
تصنف المواد الكيميائية ذات الاستعمال العلمي البحثي وفقا لمدى خطورتها الصحية والمادية. تفتقر المخابر لأماكن تحفظ هذه المواد مما يتسبب في وجود أخطار محدقة نظرا لتواجدها في أماكن غير مناسبة قرب بعضها علما بأنها سريعة التفاعل مع الضوء والحرارة والاحتكاك.
اذ ان المواد المستخدمة لاذابة بعض المركبات الصلبة او لتمديد مركبات عضوية غير محلولة بالماء ، مثل البنزين والتوليان والايتير والاسيتون والكلوروفوروم.....ومنها ماهو شديد الاشتعال كالبنزين وشديد الانفجار كالايتير الذي يتوجب حفظه في عبوات ملونة للتخفيف من تعرضه الأشعة الضوئية التي تحوله لفوق اكسيد متفجر.
*من الحموض les acides : نذكر مثلا حمض الكبريت ،وحمض الكلور وحمض الآزوت.
*ومن الأسس les bases: نذكر هيدروكسيد الصوديوم NaOH وما تسمى الصودا LA SOUDE و هيدروكسيد البوتاسيوم KOH،
سواء اكانت محاليل مركزة او بشكلها الاصلي فإنها تسبب حروقا جلدية وتذيب معظم ما تقع عليه، وقد تصل إلى الفم والشفتين والجهاز الهضمي في حال الخطأ باستخدام الماصات لأخذ سعات للقيام بالتجارب. من المهم أن نذكر أمثلة للمخاطر الحاصلة عند مزج مركبات وعدم احترام الأدوار، أن تصب الماء على الحمض ينجم عنه ارتفاع في الحرارة ويسبب انبعاث الغازات قد تسبب انفجارا، لذا من الضروري صب الحمض على الماء لا العكس.الأخطر أن كل هذه العمليات تتم في المخابر بدون مراعاة لتلوث المحيط وانبعاث الروائح التي تطال كل الجسم ابتداء من اليدين إلى العينين إلى الأنف إلى البلعوم وصولا إلى الرئتين.
تفاعل أكثر المواد الكيميائية لها تأثير كبير على الجهاز التنفسي وعلى الرئتين خاصة من خلال التعرض لنفس التفاعل عدة مرات في مدة قصيرة و هو ما يجعل الجسم غير قادر على التخلص من التلوث الحاصل سابقا. و يبقى الاشكال الكبير أن عدة تفاعلات تنجم عنها انبعاث غازات خانقة تسبب حساسية في البلعوم، يجب أن تجرى تحت الماصة للهواء la hotte والتي أغلبها معطبة أو معطلة و الوزارة لا توفر أي امكانيات منذ سنوات لتعويضها غير عابئة لا بصحتنا و لا بصحة طلبتنا.
تحتوي كلية العلوم بصفاقس في قسم الكيمياء على 16 مخبر للتدريس والعديد من المخابر للبحوث لا تختلف فيها الظروف عن بعضها ،الافتقار لأبسط سبل الحماية البدنية وحتى اللباس ،فلا لباس يتماشى وخطورة هذا القسم و نحن نتعرض لمخاطر السموم الموجودة فيه دون قفازات ولا كمامات ولا ماصات للغازات.
أغلب الأدوات التي نستعملها في حالة من الرداءة مثل قوارير المركبات، وأماكن وضع المحاليل بمختلف خصوصيتها، القوارير تجدون كل الالوان والمقاسات لان العديد نأتي بها من بيوتنا. بالرغم أننا في مخابر التدريس نستعمل محاليل ضعيفة التركيز إلا أن الطالب و الأستاذ يقومان بالاحتكاك مباشرة بالمواد الكيميائية لقياس السعة للتجربة و ذلك عبر امتصاص المادة التي قد تلمس يديهما ووجههما مما يسبب الحكة او الكحة.
كما توجد مواد قابلة للاشتعال ترمى بدون حفظ ودون مبالاة، وكل القوارير الفارغة ترمى قرب قسم الكيمياء قبالة مرآب السيارات في جميع حالات الطقس، صيفا وشتاءا مع المخاطر التي تمثلها. عادة ما كنا نحتفظ ببقايا المواد المستعملة في التجارب في قوارير ليتم التخلص منها فيما بعد، اما الان فإننا نصبها في مجاري المياه مما يسبب اختلاطها فيما بعد عن بعد معين بالقاعدة المائية.
أضف إلى كل هذا ونظرا لضيق مخابر البحث وكثرة الباحثين تجد معداتهم الخاصة محفوظة في خزانات في الممرات مما يزيد من صعوبة التنقل والأخطر هو وجود مواد كيميائية فيها مع أوراق وملفات. اخيرا وليس آخرا توجد أنابيب الإطفاء التي تفتقد للمراقبة وللتفقد كل فترة والتي لا توجد في أماكن واضحة.
باختصار قسم الكيمياء قنبلة موقوتة، أخطار لا تعبأ بها الدولة و لا توفر لها وزارة الاشراف أية إمكانيات لتجنبها...معاناة يومية للجامعيين الباحثين و لأبنائهم الطلبة في مختلف المراحل و المستويات....
الدكتورة راضية الظاهري
كلية العلوم بصفاقس
مكتب الدراسات والتوثيق ل "إجابة"