Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Tunisian Othello-أوتلو التونسي
23 mai 2019

يسألونك عن الجامعي؟

بقلم : محمد علي حاج طيب
كلية العلوم بصفاقس

دعوني آخذ نفسا عميقا .....

من اين أبدأ ... و الى أين أنتهي..

تبدأ الحكاية عندما تجد نفسك و قد أخذتك المعرفة... لا تعرف لماذا ... إلا أنك...و بحمد الله من وسط اجتماعي يحترم المعرفة و ووالدين لا يريان الدنيا إلا من خلال نجاحاتك و تفوقاتك....
تأخذك الدراسة .... و تأخذ معها طفولتك و شبابك...
يغزوك حب التميز و يصبح جزءا من شخصيتك....
و بعد ذلك تصبح الدراسة حلمك و الامل الذي يغذي أمك و أباك في ظل اللهث وراء لقمة العيش و مصاريف العائلة. 
تشعر بالفخر و هو يذهب معك في نهاية كل سنة دراسية لتسلم الجائزة فتنظر في عينيه الحالمتين بغد مزهر يتبوأ فيه ابنه أعلى المراتب....
يستهويك المعلم و الاستاذ....ترى نفسك مكانهم تعطي مما استسقيت به من العلم....

يأتي امتحان البكالوريا و قد ارتعدت فرائصك فإما نجاح يحتفي بتميزك و اما نجاح يعصف بأحلامك....يأتي التوجيه الجامعي فتختار او يختارون او . .او...
المهم أنك تجد نفسك في شعبة حاملا لواء التميز من جديد...يحدوك الامل الى حلم الصبى....تتسارع سنوات الدراسة، وقودها عمر الشباب....و شروطها تقييم يتلوه اخر..... ها أنت الأستاذ أو المهندس الناظر الى ذالك الهدف البعيد المتقارب....
و عندما تبدأ رحلة الماجستير ترمق زميل الصبى اللذي خلت أنه أساء الاختيار بترك الدراسة و قد شيد منزلا و اشترى سيارة و هاهو يصبح من اصحاب الاملاك ....
أما أنت فما الفرج إلا صبر ساعة... فأنت الدكتور المستقبلي... انت الاستاذ الجامعي....
تنظر الى ابيك و قد اتعبته السنون و لم يعد فيه إلا روح حالمة بك و لأجلك.....
تقول له أعطني.... أعط.....ني .... ترتعش الكلمات و انت بعمر 23... طالب.....طالب علم.....
تبدأ رحلة البحث عن الماجستير... و تتقاذفك امواج الغد المتلاعبة بطريق المعرفة و تلمح العاصفة...
تتقدم لأنه لم يبق لك الان إلا أن تتقدم سائلا الانصاف فقط .....تلمح من بعيد قفز المتسلقين...
أتذكر كيف كنت تحلم باكمال الدراسة بالخارج ... و كيف كانت الفرص تنشر يوم اخرأجل لتقديم المطالب....
تشعر بالظلم وقتذاك.... لكنك أنت المحارب تأخذ نفسا عميقا لتنطلق من جديد ....
و ههنا ان سالت الله فاسألوه البخت...تتعثر بموضوع بحث ربما احببته ... لكن يبقى ان يحبك و يحبونك...
من جهة اخرى هؤلاء المتسلقين .. تتسارع قفزاتهم...يزاحمونك على استحقاقك ... على مستقبلك ... على دنياك ... على شمعتين ذابتا من اجلك ....
تقول انا الأجدر و سأضل الأجدر ... اعمل ... اعمل...تعب .. تعب ماذا .... اعمل....فأنت عمرك 24 سنة ...و لم تعد تدري كم سيبقى هذا الحذاء معك الذي ربما نال شهادة الأستاذية صحبتك....و عليه ان يكمل رحلة الماجستير.....ليقيموك صحبته......

تبدأ رحلة الدكتوراه....ههنا اسال أمك و أباك أن يدعوا لك....و ان سألتم الله فاسألوه البخت...و استخر الله...فموضوع بحثك .... بحثت عنه و بحث عنك .....و الا فطريقك مسدود ...مسدود.. 
تمر السنوات و انت تبحث....و تبحث. ....مصرا....الحاحا....
تذكر تلك المناشير العلمية التي تكتبها فيقصفك الرفض و يعبث بمعنوياتك و أنت المتشبث بحطام صغير في محيط المعرفة.....و يوم يأتيك الخبر السار....تستفيق من جديد على أنك....طالب... طالب علم....محتاج الى مال لا تملكه لترسيم مقالك....و عليك ان تدفع....و تدفع بالتي هي احسن... .تلمح والديك يعتصرون ما تبقى من دمائهم على أن يساعدك أو يرجع لك مخبر البحث من ميزانية تآكلت حتى قاربت على الاندثار.....بحث علمي....فلتبحث عن شيء آخر!!
تمر السنوات الاربع....خمسة...ستة... كل حسب عمله و بخته....ثم يقيموك ليوافقوا على تقييمك....تتحصل على شهادة الدكتوراه....انت اليوم الدكتور.

تكون الصدمة كبيرة....تنزل كالصاعقة على والديك... تقول لهم ... وأنت يومئذ دكتور... لابد أن تستعد للمناظرة.. أية مناظرة...ألست دكتورا....تلمح في عينيهما خيبة الامل...تلمح في عينيهما خوفا على الابن الذي بلغ ؟؟؟ سنة و لا يملك من الدنيا إلا شهادات و شهادات.. 
تبدأ رحلة تحضير الملف....تجمع سنين عمرك في مئات الأوراق لا بل آلاف.....
ها انت الطالب.....طالب العلم.... تسأل أباك من جديد مصاريف الطباعة.. تسأله و أنت الغني بالمعرفة... المعدم من المال....
ترمق تلك الصناديق.... و تتذكر طفولتك...شبابك....أنينك...تعبك....الساعات و الايام....
كيف لهم بتقييمك؟....تعبت من ان يقيموك و يقيموك؟
تتحضر للجنة هي خليط بين ....و بين.....
هاهم يقيمونك للمرة الالف.....تنظر إلى آلاف الاوراق مكدسة امامهم....اعلموا أن دنياي بداخلها... اعلموا أن فتات أحلامي معلّق بموضوعيتكم.....
مناظرة انتداب المساعدين...مناظرة تفتح لمن هم بصدد اعداد اطروحة الدكتوراه... و هي ما تزال موجودة إلا لبعض الاختصاصات...الاعلامية ليست من تلك الاختصاصات فلا تسأل اذن عن .... و عن..و عن......
انت يوم ذاك مساعد تعليم عالي....تلك التسمية التي لم استسغها يوما ... تساءلت مرارا عمن انا بصدد مساعدته...انت بعمر ؟؟؟؟ مساعد ... و من هو في عمرك قد أصبح وزيرا في بلده...
يأخذك التدريس و الامتحانات و التأطير و .... و.. . .و بعد سنتين يقيمونك مرة اخرى لترسيمك .....
و عندها تفتح لك الابواب امام رتبة أستاذ مساعد ... !!!!...أاستاذ في المساعدة....تسمية غريبة لا تقل غرابة عن سابقتها....
هذه الرتبة التي لن تتمكن من تحصيلها إلا بشهادة الدكتوراه. تسأل عن الشروط فتأتيك الاجابة بأنه عليك تقديم الأعمال فقط التي لم تشارك بها في رتبة سابقة....أنت يوم ذاك عدت كيوم ولدتك امك...متحررا من ذنوب المعرفة ...مكبلا بالقوانين العرفية للحياة الأكاديمية.....
اعمل...ابحث...درس....نظم....و أحسن الظن.....ثم اجمع أوراقك من جديد .... و احمل حياتك في تلك الصناديق التي أعدت حملها ليقيموك للمرة ؟؟؟؟.....لم أعد قادرا على العد....فلا تظنن أنهم يملون تقييمك يوما...
ترمقك أمك بنظرة الشفقة .... مازلت تدرس؟ سؤال أجيب عليه ككل مرة ..أماه انني أدرس الآن بمقابل ....بعدما كنت أدرس و أنا طالب...طالب علم
اما عن الأبناء....فأحدثك عن أبناء يكبرون بعيدا عن ناظريك رغم أنك تلمحهم كل يوم....بابا... ماما...لا يعلمون أن لديك أبناء آخرين ائتمنوك على مستقبلهم و ينتظرون المرور على سراط المناظرات..ليقيمونهم و يقيمونك !!!.....أما الآخرون فيقولون أنك تدرس يومين في الاسبوع...
هناك...أنت الجامعي.... ينتظر الجميع ظهور النعمة عليك...فأنت اليوم تلك القامة الكبيرة...أنت الاستاذ الجامعي....لماذا يلبس هكذا؟ انظر الى تلك السيارة الهرمة....لا... انتظر.... إنه يبني قصرا....فأين تلك الأموال و أين يذهب بذلك المرتب الضخم....

أما الان و أنت أستاذ في المساعدة تابعا لتعليم ما ملّ من النزول حتى أصبح ذرّا تتقاذفه رياح الجهل و الأنانية و تعصف به الاختيارات الخاطئة و السياسات المرتعشة....

هاهي الرحلة تبدأ من جديد....يمكن ان تكملوا القراءة في موعد لاحق....أعرف أن المشوار طويل حتى على أحباء القراءة......

فلنعد الان...فلتعلم سيدي....سيدتي...أنه عليك الان التحضير لشهادة التأهيل لتأطيرالبحوث العلمية...فأنت حتى هذه المرحلة لست مؤهلا لكن عليك أن تؤطر بحوث دكتوراه كشرط من شروط تحصيل هذه الشهادة....اما عن الشروط الاخرى فلا تسل....فهي خاضعة لبورصة تصعد دون نزول ....
دعونا نعود الى أطروحات الدكتوراه التي عليك مصاحبتها...انها رحلة عذاب أخرى....تتكرر فيها عذاباتك....تتكرر فيها تقييماتك....تحفّز دكاترة المستقبل....اعمل و اعمل.....عليك بطنّ من الاوراق..... فأنا ذاك الزمان إحتاج نجاحي قنطارا.......لا تضع و لو دقيقة من وقتك فوزارتنا الموقرة فتحت 000000 وظيفة و عليك ان تحظى بواحدة منها في بلد الواق الواق.....
ربما تسألون الان كم عمري.....ربما الاحرى ان تسالوا عما تبقى منه.....حيث ضاعت الارقام و أضحت هباءا.....
تجمع من جديد تلك الكومة من الاوراق صحبة ما جد من اعمال و افعال و ... و.....ثم تذهب ليقيموك من جديد .....فإن وافقت اوراقك بورصة شروطهم....يوافقون على تقييمك مرة اخرى في يوم مشهود يدعى اليه أهل العلم و أهلك...يوم ذاك من تبقى منهم على قيد الحياة...
يأتي يومك الموعود...و انت الموعود.....بتقييم اخر ... تتحصل اخيرا على شهادة أخرى......هل هي الأخيرة؟ أكملوا القراءة.....ففي قصتي تشويق و تدقيق ....أما عن المتسلقين و هواة القفز في جميع التخصّصات فلا تسألني مرة أخرى لأنهم متواجدون بكل زمان و مكان......
ها أنت الان تمتلك شهادة تأهيل لتأطير البحوث الاكاديمية و لكنك لست مؤهلا....هو ذاك.....أنت مؤهل و لست مؤهلا....فأنت مؤهل ينقصك تقييم اخر لتتحصّل على تمام التأهيل....
هي رتبة أخرى تصلها....أستاذ محاضر....أخيرا تجاوزت مرحلة المساعدة.....تعبت من المساعدة....عليك الآن البحث على من يساعدك......ربما تسللت اليك الأمراض.. كبر الأبناء....تلمح عتاب الغياب في أعينهم.....أنت المرابط في ميدان المعرفة.....أنت من ينتظرون قصرك الفاره الضخم.....
دعنا نعود إليك ....نعم....أنت المؤهل مع وقف التنفيذ.....تجمع سنوات عمرك من جديد في صناديق زاد حجمها في حين يستمرون في تحجيمك....تقليصك....لم يقدروا ان يبلغوك فاختاروا ان ينزلوك اليهم....
تستعد من جديد الى تقييم آخر وليس الأخير.....تقف أمام لجنة و أنت الزميل الغريب....ترمقك الأعين من جديد تبارك نجاحك و تقيمك خفية....في حين ينتظر الاخرون افتتاحك لذلك القصر الهوليودي الذي لم يتضح مصيره بعد......
تأخذك السنون من جديد....عمل ....تدريس..امتحانات....تأطير..ملتقيات....محاضرات....توأمات مع جامعات بالخارج.....
اما الان فينتظرك تقييم وأنت اذاك قد بلغت من العمر عتيا....يوم ذاك لا تقدر على حمل صناديقك...تستعين بالأبناء من صلبك و أبناء تقييماتك.....ها أنت أخيرا ستصبح ......استاذ تعليم عالي....نعم صديقي ها انت اخيرا ...استاذ تعليم عالي... لا تسألني عما كنت قبل ذلك..... تفضل بإعادة القراءة إن كان في عمرك بقية....
تنتظر نتيجة تقييمك.....و ها أنت الان استاذ تعليم عالي .....أين هما ...اذاك قرتا الاعين....اباك و امك...ان كان في عمرهما بقية .. سوف ينظرون اليك انت المتواضع بعلمك خالي الوفاض إلا من ذلك القصر الذي بنته اوهامهم و خلا منه عالمك....
تصل التقاعد....فتستجديك بذرة المعرفة.. يستجديك حلم الصبى.... يستجديك شرف المعرفة...و انت من أدمنت تقييماتهم...تستجمع ما تبقى منك لتقييم آخر ليسمحوا لك بمواصلة بضع سنين ليستفيدوا من خبرة لا يقدرون على تثمينها.....و هم غير عابئين بتثمينها....لا تسألوني ان هي صناديق او بضعة اوراق....لأنها سيان....
يومئذ تلمح أبناء تقييماتك و قد تكاثروا و تسألهم احتراما عبث به الزمن...أما انت اذاك تبصر قصرك قريبا...أما هم فلا يزالوا يبحثون عن قصرك الذي بنوه لك في مخيلتهم...

أختي ....أخي .....إن سألوك عن الجامعي.....بلّغهم عني....أنه قد أثقلته جراح تقييماتهم....فلا تقيموه من جديد....

جريح تقييماتكم.....الصامد

فلا تسألوني لماذا أنتفض"

univ

Publicité
Commentaires
Publicité
Tunisian Othello-أوتلو التونسي
Albums Photos
Archives
Derniers commentaires
Newsletter
7 abonnés
Publicité